من بين المواضيع الهامة التى يدور الحديث عنها فى سوق البيتكوين و العملات الرقمية ، هو هل أن العملات الرقمية يمكن أن تتماشى مع النظام الإقتصادى و المصرفى الإسلامى أو لا ؟ ، و هل يمكن التوصل لمعايير تقيم هل أن هذه العملة أو تلك تتماشى مع أحكام التجارة الإسلامية ؟
فى هذا الخصوص نشر المدون ” ماركو روسى ” موضوعا مطولا على مدونته فى موقع ميديام فى محاولة للإجابة على هذا السؤال ، ننقله إليكم فى فرصه .
” تفاصيل الموضوع ”
يبدأ ماركو روسى موضوعه بالحديث عن تاريخ وضع النظام المالى لما يعرف بالإقتصاد الإسلامى .
تم وضع الأنظمة المالية الإسلامية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية تحت إسم – النظام المصرفى الإسلامى أو Islamic Banking – فى سبعينيات القرن الماضى ، و أكتسب هذا النظام المزيد ، و المزيد من الأرضية فى هذا القطاع ، و ذلك نظراً لقدرته على جذب عدد كبير من العملاء ، حيث أن الإسلام يعتبر هو الدين الأسرع إنتشارا فى العالم ، حتى إن البنوك التقليدية ، و غيرها من المؤسسات المالية تفتح – أو تنوى فتح – قسم مخصوص يتعامل مع الخدمات المصرفية الإسلامية من أجل توسيع نطاق خدماتها و عملاءها ، و مع ذلك ، فإن ما يجعل البنوك المصرفية الإسلامية بمثابة خيار مثير للإهتمام هو التقاطع بين الخدمات المالية التى تقدمها هذه البنوك ، و قانون الشريعة الإسلامية ، الذي يعرف بإسم الشريعة .
طرق عمل البنوك المصرفية الإسلامية فى النظام المالي
فى الواقع ، فإن المبادئ التي يستند إليها النظام المالى و التمويل الإسلامى تولد من أجل تجنب أى شكل من أشكال النشاط الحرام – على سبيل المثال – فرض فائدة على المعاملات ، تعتبر شكلا من أشكال الربا طبقا للنظام المالى الإسلامى ، و بالتالى ، فهذا الأمر غير مقبول دينيا .
و فى هذه الحالة ، فإن البنك يفرض التعامل بسعر أعلى من القيمة السوقية الفعلية ، حيث أن ذلك يمثل المخاطر التى يفترضها البنك فى إجراء المعاملة ( و هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على المخططات الخاصة بنوع المرابحة ، حيث يعهد العميل للبنك بشراء الأصل نيابة عنه .
و علاوة على ذلك ، لا تستطيع المؤسسات المالية بمختلف أنواعها الإستثمار فى صناعات محرمة طبقا للشريعة الإسلامية مثل صناعات الكحول ، أو ، لحم الخنزير ، أو مجال القمار ، أو المواد الإباحية ، و يجب أن تضمن البنوك تقليل أوجه الغموض ، و التخمين و التشكك فى العقود و المعاملات التى تجريها .
و الميزة الأكثر إثارة للإهتمام في النظام المالي الإسلامي هي التركيز على المعاملات التي تمثل حصرا سلعة مادية ، لذلك ، يتم النظر إلى التطورات الجديدة في عالم إقتصاديات العملات الرقمية باعتبارها شيء معادي للشريعة ، حيث أن العملات الرقمية تعتبر منتج برمجي مصمم على الذكاء الإصطناعي على شبكة الإنترنت – منتج إلكتروني – ، و يولد من نظام التمويل الحديث ، و ليس سلعة مادية تقليدية بالطبع .
محاولات سابقة من شركات حاولت التماشي مع قواعد التجارة الإسلامية في إصدار عملاتها الرقمية
و بما أن العملات الرقمية تعتبر موضع للمضاربة و التكهنات ، فقد يبدو من غير المقبول خضوعها لقوانين التجارة الإسلامية ، و مع ذلك ، فقد تم بالفعل استكشاف محاولات تحاول تجاوز هذه القواعد ، و حتى مع تحقيق درجة معينة من النجاح ، على سبيل المثال ، صممت شركة OneGram عملة رقمية بإسم الشركة نفسها ( بإسم OneGram Coin ، و اختصارا بالرمز OGC ) ، و تعتبر العملة الواحدة من Onegram Coin مدعوما بواحد جرام من الذهب مقابلها على الأقل .
و يعني هذا في تلك الحالة أن الشركة تتاجر في سلعة مادية – و على وجه الخصوص بضاعة تقليدية في تاريخ التجارة الإسلامية – ، و لكن من خلال إستخدام العملات الرقمية كوسية للتبادل ، و اتبعت العديد من الشركات هذا المثال ، مثل شركة HelloGold الماليزية .
و قامت شركات أخرى ، مثل شركة Halal Chain ، بإنشاء عملات رقمية غير مرتبطة باحتياطي للذهب ، و لكنها مرتبطة ببيانات حول سلع يقبلها الدين الإسلامي ، و بالإضافة إلى ذلك ، قدم أيضًا المدير المالي في شركة HelloGold ، السيد مانويل هو ، وظيفة مهمة إلى العملة الرقمية الخاصة بالشركة ، و التي أطلقوا عليها إسم عملة HGT .
في الواقع فهي تسجل فقط المعاملات التي تتم في فترة زمنية معينة ، مما يجعلها أقل خطورة ، و تمكن الشركة من التعامل مع مشكلات الغموض في الأسعار ، و التي تعتبر غير مناسبة بالنسبة إلى شركة مالية إسلامية .
و لذلك – و بحسب رأي الكاتب – ، توجد بالفعل عملات رقمية متوافقة مع قواعد التجارة الإسلامية ، و ذلك قد يضطر الشركات حتى إلى الحاجة إلى خدمات شركات استشارية تساعد الشركات على فهم ما إذا كانت منتجاتها و أدواتها مناسبة للشريعة الإسلامية أم لا .
و هذا هو الحال مع شركات مثل شركة المعالي للإستشارات Al Maali Consulting ، و مقرها في دبي ، و شركة أماني للإستشارات Amanie Advisors ، و مقرها في مدينة كوالالمبور .
و مع ذلك ، و على الرغم من أن الشركات الإستشارية يمكنها تقديم خدماتها ، و الموافقة على العمليات المالية للشركة ، فإن الحكومات المحلية لا تملك القدرة على إنشاء معايير معينة للتمويل و النظام المصرفي الإسلامي .
أراء مختلفة ما بين مؤيد و معارض حول مدى قبول العملات الرقمية ضمن النظام المالي و المصرفي الإسلامي
و هذا الأمر يترك القضية في يد فئة من ” الخبراء ” في قانون الشريعة الإسلامية ، و التمويل الإسلامي ، و البعض مثل مركز دار الإحسان ، و مقره في ديربان ، أو السيد شوقي علام ، مفتي جمهورية مصر العربية الأكبر – يعتقدون أن العملات الرقمية غير مقبولة دينياً ، و ذلك في حين أن آخرين – مثل الأستاذ منذر كهف ، – و هو كاتب أكاديمي و كتب دراسات في الأعمال المصرفية الإسلامية و مقره في ولاية كاليفورنيا – يعتقد أنها – أي العملات الرقمية – تعتبر أداة مشروعة ( و أنها تخضع إلى التلاعب ) و يعتبر أن العملات الرقمية مقبولة بالنسبة للنظام المالي الإسلامي .
كما يقول الأستاذ فاروق حبيب – مسؤول الأبحاث في الأكاديمية الدولية لأبحاث النظام المالي الإسلامي في ماليزيا – أن هناك مئات العملات الرقمية ، و تأتي كل منها مع مواصفاتها الخاصة ، و ببساطة لا يمكن أن يكون هناك ” معيار قانوني ” واحد لجميع هذه العملات الرقمية .
و مع ذلك ، فإن إقحام الدين لا يمنع من فكرة إحتمال تطوير عملات رقمية متوافقة مع النظام الإقتصادي الإسلامي Islamic cryptocurrencies ، و قد رأينا بالفعل كيف أن المعاملات المصرفية بإستخدام العملات الرقمية يمكن أن تعطي مساحة لظهور قطاع مصرفي إسلامي للعملات الرقمية أو إستخدام العملات الرقمية في القطاعات المالية .ففي عام 2015 ، أكد تشارلز دبليو إيفانز – الأستاذ المشارك في العلوم المالية ، و الإقتصاد في جامعة Barry University – في موضوعه المنشور في جريدة الأعمال المصرفية الإسلامية و النظام المالي ، أن العملات الرقمية تتفق فعليًا مع مباديء حظر الربا و تدمج مبادئ المصلحة ( و هي الفوائد الإجتماعية للأمور الخارجية الإيجابية ) .
في العديد من البلدان الإسلامية ، يبقى السبب الرئيسي لعدم إمتلاك العديد من الناس للحسابات المصرفية هو عدم وجود شبكة مصرفية أو تواجد خدمات وسيطة باهظة الثمن ، و بهذا المعنى ، يمكن أن يشتمل النظام المالي القائم على العملات الرقمية على هذا الجزء من السكان ، و في هذه الحالة فإن الشيء الوحيد الذي يتطلبه الأمر من أجل بدء التداول ، و تبادل الأموال على قدم المساواة مع المستخدمين الآخرين هو الوصول إلى شبكة الإنترنت فقط .
توضح الخدمات المالية القائمة على إستخدام الهواتف المحمولة الذكية مثل شركة M-Pesa في كينيا ، إمكانات مثل هذه الخدمات الإفتراضية في المجتمعات التي لا تعتمد إلا على النقد ، كما يوضح السيد يوسف إكرام ، رئيس إدارة المخاطر الإئتمانية و لجنة الإشراف المصرفي في بنك دبي الإسلامي .
و في ختام هذا الموضوع ، نود أن نستشهد بكلمات السيد يوسف إكرام ، الذي يقدم ملخصًا كبيرًا لما يمكن أن يكون مستقبل العملات الرقمية في عالم الأعمال المصرفية الإسلامية ، نستعرض معكم هذه الكلمات :
“ إذن ، فى الختام ، يبدو أن عملة الإيثيريوم ، و غيرها من العملات الرقمية التي تقوم عليها تطورات شبكة البلوكتشين لديها ظروف مواتية للغاية لإستخدامها فى المجال المالى الإسلامى ، و ذلك نظراً لعدم اعتمادها على الديون ، و الإفتقار إلى السيطرة على المستثمر ، و المقترض ، و ذلك بالإضافة إلى تقاسم الأرباح و الخسائر بشكل متوازى فى عملية البيع العام crowd sales .و الأهم من ذلك ، أن تقنية البلوكتشين تعتبر بمثابة وسيط مثالى لتوضيح ، و تفعيل القيم الإسلامية للعدالة ، و المساواة ، و الثقة ، و الوضوح فى النظام المالى الذى يجسد روح مبادىء الشريعة الإسلامية “
يستعرض هذا المقال بعض المعلومات ، و الأراء القائمة على بحث الكاتب الخاص ، و لم يتدخل محررى موقع فرصه فى التعليق أو التعديل على ما ذكر فى المادة .
يذكر أنه تم نشر هذه المقالة فى الأصل على The Cryptonomist ، و المقالة شارك فى تأليفها الكاتب مع السيد فرانشيسكو جياكومينى .
و الآن عزيزى القارى ، بعد إستعراضنا لهذا المقال ، كيف ترى إستخدام العملات الرقمية فى النظام المصرفى ، و المالى الإسلامى ، شاركنا رأيك و دعنا نستمع إلى صوتك فى صندوق التعليقات أسفل المقال .
المصدر : medium.com
إخــــلاء الــمــســئــولــيـــــة :
موقع فرصه يعرض الأخبار بشكل حيادى و لا يعرض نصائح إستثمارية حول عروض طرح أولية و لا يشجع أحد على الدخول ضمن ما قد يبدو نصائح استثمارية و يخلى المسئولية من أى قرار إستثمارى يقوم به القارئ.